
تحرير سيناء
في الخامس والعشرين من ابريل عام 1982 تم رفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي ، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية .
كانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 قبل أن تندلع الشرارة بأكثر من ست سنوات حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وبدأت مرحلة الصمود التي امتدت حتى سبتمبر 1968 بمعارك رأس العش ثم تدمير المدمرة إيلات ثم بدأت مرحلة الردع التي استمرت حتى مارس 1969 استهلتها القوات بأعمال تعرضيه لمنع قوات العدو من تقوية دفاعاتها على الضفة الشرقية للقناة وكانت معركة المدافع الشهيرة فى سبتمبر 1968 حيث بدأت القوات بقصف قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة مكبدة العدو خسائر فادحة فى الأفراد و المعدات و بدأت المواجهة على جبهة القتال تتصاعد يوما بعد يوم و تدخل الطيران الاسرائيلى بصورة فعالة بعد أن زادت المدفعية المصرية من قصفاتها المستمرة ضد المواقع الإسرائيلية و قبل نهاية 1968 كانت طائراتنا قد بدأت تحد من نشاط إسرائيل الجوى على امتداد جبهة القتال .
بدأت مرحلة الاستنزاف من مارس 1969 حيث تطورت الاشتباكات و تصاعدت حدتها و زادت دوريات العبور الى الضفة الشرقية للقناة و فرضت قواتنا حربا طويلة الأمد على القوات الإسرائيلية لاستنزاف مواردها و قوتها البشرية بعد ارتفاع معدلات خسائرها فى الأفراد و المعدات , واستمرت مشاهد البطولة حتى عام 1973 بحرب العبور المجيدة حيث تجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا فى مواجهة إسرائيل ، وانطلقت أكثر من 220 طائرة إلى سيناء مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية.. مستهدفة محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.. و فى نفس التوقيت حولت المدفعية المصرية على طول المواجهة الشاطئ الشرقي للقناة إلى جحيم و فؤجى العدو بأقوى تمهيد نيراني تم تنفيذه فى الشرق الأوسط و خلال التمهيد النيرانى سقطت على مواقع العدو و قلاعه بالضفة الشرقية للقناة فى الدقيقة الأولى من بدء ضربة المدفعية عشرة آلاف و خمسمائة دانة مدفعية بمعدل 175 دانة فى كل ثانية .
و بدأت فرق المشاة و قوات قطاع بورسعيد العسكري فى اقتحام قناة السويس مستخدمة حوالي ألف قارب اقتحام مطاط ، ووضع ثمانية الآف جندى أقدامهم على الضفة الشرقية للقناة و بدأوا فى تسلق الساتر الترابى المرتفع و اقتحام دفاعات العدو الحصينة .
وبهذا النصر قضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر باقتحامها لقناة السويس اكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف.. واستيلائها خلال ساعات قليلة علي الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونه ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلي الضفة الغربية للقناة .
وكان من أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م ، كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمى و المحلى من بينها :
- انقلاب المعايير العسكرية فى العالم شرقا و غربا .
- تغيير الاستراتيجيات العسكرية فى العالم و التأثير على مستقبل كثير من الأسلحة و المعدات .
- أعادت حرب أكتوبر الى المقاتل المصري و العربي ثقته بنفسه و بقيادته و عدالة قضيته ، كما أعادت للشعب ثقته بدرع الحماية له المتمثل فى قواته المسلحة .
- حققت الوحدة العربية الشاملة فى أروع صورها
- جعلت من العرب قوة دولية – لها ثقلها ووزنها .
- صمود الإرادة المصرية العربية و سقوط الاسطورة الإسرائيلية .
كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذي عقد بعد الحرب في سبتمبر 1978م على اثر مبادرة السادات التاريخية في نوفمبر 1977 م و زيارته للقدس.

المفاوضات السياسية
كانت المفاوضات السياسية المرحلة الثانية بعد تحرير الأرض حيث تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر عام 1973م، وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار. وتوقف القتال تماما بعدما أدركت إسرائيل أنها خسرت المعركة وان الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافقت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات وتوقفت المعارك في 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء ثم أكتمل تحرير الأرض بمسيرة صعبة وطويلة للسلام .
مباحثات الكيلو 101 ( أكتوبر ونوفمبر 1973 )
تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات للوصول إلى تسوية دائمة فى الشرق الأوسط و فى 11 نوفمبر 1973 تم التوقيع على الاتفاق الذى تضمن التزاما بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية الى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى و الجرحى و قد اعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية هامة فى إقامة سلام دائم و عادل فى منطقة الشرق الأوسط .

اتفاقيات فض الاشتباك الأولى (يناير 1974 ) والثانية ( سبتمبر 1975)
تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر و إسرائيل و قد نص على إيقاف جميع العمليات العسكرية و شبه العسكرية فى البر و الجو و البحر كما حدد الاتفاق الخط الذى ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترا شرق القناة و خطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية و هذا الاتفاق لا يعد اتفاق سلام نهائي .. وفى سبتمبر 1975 تم التوقيع على الاتفاق الثاني الذى بموجبه تقدمت مصر الى خطوط جديدة و استردت حوالي 4500 كيلو متر من ارض سيناء وأصبح الخط الامامى للقوات الإسرائيلية على الساحل الشرقي لخليج السويس لمسافة 180 كم من السويس و حتى بلاعيم و من أهم ما تضمنه الاتفاق ان النزاع فى الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية و لكن بالوسائل السلمية .

مبادرة الرئيس الراحل أنور السـادات بزيـارة القدس ( نوفمبر1977)
أعلن الرئيس أنور السادات فى بيان أمام مجلس الشعب انه على استعداد للذهاب الى إسرائيل و مناقشتهم و ذهب الرئيس عارضا قضيته على الكنيست و كانت ابرز الحقائق التي حددتها المبادرة إن اتفاقا منفردا بين مصر وإسرائيل ليس واردا في سياسة مصر ، و أي سلام منفرد بين مصر وإسرائيل وبين أي دولة من دول المواجهة وإسرائيل فإنه لن يقيم السلام الدائم العادل في المنطقة كلها ، بل أكثر من ذلك فإنه حتى لو تحقق السلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لم يحقق أبدا السلام الدائم العادل الذي يلح العالم كله اليوم عليه
ثم طرحت المبادرة بعد ذلك خمس أسس محددة يقوم عليها السلام وهي :
• إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967 .
• تحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته.
•حق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة .
• تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية .
• إنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة.
مؤتمر كامب ديفيد( 18 سبتمبر 1978)
وفي 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية ، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر ، والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978 . ويحتوي اتفاق كامب ديفيد على وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي – الإسرائيلي .
الوثيقة الأولى : إطار السلام في الشرق الأوسط :
نصت على أن مواد ميثاق الأمم المتحدة ، والقواعد الأخرى للقانون الدولي والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول .. تحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها ، هو أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 ، 338 .
الوثيقة الثانية : إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل :
وقعت مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقا لقراري مجلس الأمن 242 ، 238 وتؤكدان من جديد التزامها بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد .
معاهدة السلام في 26 مارس 1979
وقعت مصر و إسرائيل معاهدة السلام اقتناعا منها بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل و شامل فى الشرق الأوسط و قد نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما وتسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

عودة سيناء
أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء ، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلي من سيناء على النحو التالي :
- في 26 مايو 1979 : رفع العلم المصري على مدينة العريش و انسحاب إسرائيل من خط العريس / رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام .
- في 26 يوليو 1979 : المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء (مساحة 6 آلاف كم مربع ) من أبو زنيبة حتى أبو خربة
- في 19 نوفمبر 1979 : تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام .
- في19 نوفمبر 1979 : الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور ، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء
وفي يوم 25 إبريل1982 : رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء و شرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاما وإعلان هذا اليوم عيدا قوميا مصريا في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف .

عودة طابا
خلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في عام 1982 ، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو انه لا تنازل ولا تفريط عن ارض طابا ، و أي خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية والتي تنص على :
1/ تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات.
2/ إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم .
وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق .
وفي 13 / 1 / 1986 أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم ، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى" مشارطة تحكيم " وقعت في 11 سبتمبر 1986 . وهي تحدد شروط التحكيم ، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف .
وفي 30 سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا ، فقد حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية .
وفي 19 مارس 1989تم رفع علم مصر على طابا المصرية معلنا نداء السلام من فوق أرض طابا .
إن سيناء التي عادت إلي سيادة الوطن جبالا ورمالا وصحراء شاسعة علي امتداد البصر قد صارت اليوم رمزا للسلام .. وشاهداً علي ما تحقق في مختلف أرجاء الوطن من إنجازات في شتى مجالات البنية الأساسية وقطاعات الإنتاج والخدمات .
لا شك إن شبة جزيرة سيناء تحظى بمكانة متميزة في قلب كل مصري .. مكانة صاغتها الجغرافيا وسجلها التاريخ وسطرتها سواعد و دماء المصريين على مر العصور.. فسيناء هي الموقع الاستراتيجي المهم وهي المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقارته وحضارته، هي محور الاتصال بين أسيا و أفريقيا بين مصر و الشام وأيضا بين المشرق العربي و المغرب العربي .
سيناء هي البيئة الثرية بكل مقومات الجمال و الطبيعة و الحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة وشواطئها الساحرة.. ووديانها الخضراء وكنوز الجمال والثروة تحت بحارها وفي باطن أرضها من كائنات ومياه ونفط و معادن.
سيناء هي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين و تضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض هي البوابة الشرقية وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطني. واليوم وبمرور 28 عاما على ذكرى تحرير سيناء تفتح مصر صفحة جديدة في السجل الخالد لسيناء .
فسيناء بمقوماتها الطبيعية ومواردها الزراعية والصناعية والتعدينية والسياحية .. هي ركن من أركان إستراتيجية مصر الطموحة للخروج من الوادي الضيق حول وادي النيل إلى رقعة أرض مأهولة واسعة تغطى 25% من مساحة مصر كما أنها رقعة تتسع لاستقبال الأعداد المتزايدة من السكان واحتضان الطموحات و التطلعات الكبرى لهذا الشعب وهي أيضا رقعة تبنى لهذا الجيل و الأجيال القادمة وتضاعف من فرص العمل و النمو
، ومن القواعد الإنتاجية والمراكز الحضارية والقدرة الاستيعابية للاقتصاد المصري .
بهذا المعنى، فان سيناء بذاتها ومن خلال المشروع القوى لتنميتها (1994 - 2017)، تمثل محورا أساسياً من محاور هذه الإستراتيجية التنموية طويلة الأمد .. بالإضافة إلى كونها جزءاً من إقليم قناة السويس الذي يحتضن أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة في غرب خليج السويس والعين السخنة و في شرق بورسعيد وفي القناة نفسها التي ستظل شرياناً حيوياً من شرايين الاقتصاد والتجارة الدوليين.
لقد قامت إسرائيل وبدون وجه حق ومخالفة لاتفاقية 1954 الخاصة بحماية الآثار أثناء النزاع المسلح بعمل حفريات فى أكثر من 35 موقع أثرى بسيناء فى الفترة من 1967 حتى 1982 بطرق غير علمية لمجرد الحصول على قطع أثرية لعرضها بمتاحفها أو الاتجار بها وسرقة كل محتوياتها والتزوير السافر لتاريخ سيناء.
ولقد كانت سيناء منطقة عبور لبنى إسرائيل من مصر إلى الأرض المقدسة فهل هناك حقوق تاريخية فى أرض عبرها مجموعة أشخاص من مكان لمكان ؟ وإلا كان يحق للمسلمين المطالبة بحقوق تاريخية فى الأندلس وهى أرض عمروا فيها وصنعوا حضارة يحكى عنها الشرق والغرب.
كما كانت سيناء منطقة عقاب وسجن لبنى إسرائيل حينما رفضوا دخول الأرض المقدسة فقدّر الله عليهم أن يتيهوا فيها أربعين عاماً متخبطين فى دروبها وشعابها لا يصنعون حضارة تذكر بل مسجونين فى هذه الأرض حتى فناء كل هذا الجيل فهل يحق لمسجون المطالبة بحقوق فى الأرض التي سجن فيها ؟
ورغم علمهم بهذه الحقائق إلا أنهم مصرون على الترويج لأفكار استعمارية بحقوق تاريخية فى سيناء وأحلام العودة من خلال كم الدراسات والأبحاث المنشورة بالدوريات العلمية فى الخارج والتي ما يزال للأسف بعض الباحثين العرب ينقلون عنهم دون دراسة وتمحيص .
ومازالت الكتيبات السياحية التي تباع فى سيناء والمواقع السياحية المختلفة والتي تصدر باللغات الأجنبية تروج لتهويد سيناء ومنها أن قلعة صلاح الدين بطابا يهودية ومعبد سرابيت الخادم مورست به طقوس سامية وأن طريق الحج المسيحى بسيناء هو طريق حج لليهود لذلك وجب التصحيح فى عيد التحرير .

قلعة صلاح الدين بطابا
أول وقائع هذه السرقات التاريخية هى ما قامت به إسرائيل أثناء احتلال سيناء من تزوير تاريخ قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا وادعائهم أنها يهودية وتقع قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون عند رأس خليج العقبة على بعد 8 كم من مدينة العقبة مساحتها 325م من الشمال للجنوب 60م من الشرق للغرب وتبعد عن شاطئ سيناء 250م .
والقلعة تقع فوق تلين كبيرين تل شمالى وتل جنوبى لكل منهما تحصين قائم بذاته قادر على الدفاع فى حالة حصار الآخر بينهما سهل أوسط ويحيط بهما سور خارجى كخط دفاع أول للقلعة وبناها صلاح الدين عام 567هـ 1171م لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج.
واتضحت هذه الادعاءات فيما ذكره الباحث الإسرائيلى ألكسندر فلندر الذى قام بأعمال مسح أثرى حول جزيرة فرعون عام 1968م بمجموعة من الغواصين البريطانيين والإسرائيليين وتركزت الأعمال البحرية في المساحة بين الجزيرة والبر ونشر بحثه عام 1977م فى مجلة متخصصة عن اكتشافات الآثار البحرية.
وهذا البحث هو المصدر الأساسى فى الغرب عن جزيرة فرعون وهو مصدر معلومات المرشدين اليهود لزوار قلعة صلاح الدين من إيلات من جنسيات مختلفة وكذلك بعض المرشدين المصريين والأجانب بالقلعة .
حيث يذكر فلندر أن جزيرة فرعون كانت ميناء ومرسى قديم أيام نبى الله سليمان وأن جزيرة فرعون كما يزعم هى عصيون جابر المذكورة فى التوراة واعتمد على أشياء غبر علمية تم دحضها بالكامل ومنها أن السور الدفاعى المحيط بالجزيرة مكون من كتل حجرية كبيرة وهى من سمات التحصينات اليهودية كما يزعم.
كما عثر بالجزيرة على قطع سلاج وهى قطع معادن ناتج عمليات صهر الحديد أرخها له روزنبرج لعصر الحديد الأول المبكر واتخذها فلندر دليلاً على نشاطات لصهر حديد تتوافق مع عصر الملوك فى إسرائيل.

تزوير طريق الحج المسيحى
منذ عام 1967 زار منطقة وادى حجاج التى تقع فى طريق الحج المسيحى بسيناء عدة علماء يهود قاموا بتصوير أكثر من 400 نقش بوادى حجاج الذى يقع على طريق الحج المسيحى بسيناء منها نقوش نبطية – يونانية – لاتينية – أرمينية – قبطية – آرامية .
ورغم ذلك يذكر عالم الآثار اليهودى أفينير نجف أن هذا الطريق كان للحجاج اليهود وحاول اليهود ترسيخ هذا المفهوم إبان احتلالهم لسيناء فقاموا بحفر بعض الرموز المرتبطة بتاريخ اليهود رغم عدم وجود أى أساس تاريخى لها وهو نقش الشمعدان أو المينوراه ذو السبعة أو التسعة أفرع التى تأخذ شكل شجرة يخرج منها سبعة فروع حيث نجد قائماً فى الوسط حوله من كلا الجانبين سبعة فروع .
وذلك لإثبات أحقيتهم وحدهم بهذا الطريق كطريق لخروج بنى إسرائيل وبالتالى فهو طريق للحج اليهودى لأغراض استيطانية ليس إلا ولا علاقة لها بالدين أو التاريخ أو الآثار مع اعتبار هذا تشويهاً لنقوش أثرية قديمة بعمل هذه الرموز الحديثة مجاورة للنقوش الأثرية .
كشف التزوير
من خلال الاكتشافات الأثرية العديدة بهذا الطريق من كنائس وأديرة ونقوش صخرية مسيحية تأكد أن هذا الطريق هو طريق الحج المسيحى بسيناء الذى يبلغ طوله 575كم وينقسم إلى جزئين طريق شرقى و هو للحجاج القادمين من القدس إلى جبل طور سيناء (منطقة سانت كاترين) ويبدأ من العقبة إلى النقب وعبر عدة أودية إلى وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها نقوش يونانية وأرمينية للحجاج المسيحيون حتى سفح جبل سيناء .
وطول هذا الطريق 200كم وطريق غربى يبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس ، غزة ، رفح ، الفرما ، عيون موسى ، وادى فيران إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق من القدس إلى جبل سيناء 375كم ويشمل هذا الطريق طريق العائلة المقدسة الممتد من القدس عبر شمال سيناء بطول 150كم .

سرابيت الخادم والكيان الصهيونى
قام جنود الاحتلال الإسرائيلى بأنفسهم وبالاشتراك مع معهد الآثار بجامعة تل أبيب وفى مخالفة للاتفاقات الدولية التى تقر بعدم الحفر فى مواقع أثرية فى دولة محتلة بقوة السلاح بأعمال حفر غير علمى بمعبد سرابيت الخادم بجنوب سيناء .
ونشرت نتائج هذه الأعمال فى مجلة الاكتشافات الإسرائيلية عدد 38 عام 1988حيث قام بنشرها الباحث الإسرائيلى رافائيل فنتيرا من جامعة تل أبيب تحت عنوان (المحور المنحنى أو الاتجاه الخطأ دراسات على معبد سرابيت الخادم) .
وقد قام الباحث المذكور بنقد الدراسات التى دحضت أراء عالم الآثار البريطانى بترى الذى قام بأعمال حفائر بالمعبد عام 1906 وذكر أن المصريين القدماء مارسوا فى هذا الهيكل الطقوس السامية لا المصرية وأن العمال الساميين ساعدوا المصريين فى التعدين فى سرابيت الخادم ولهم كتابة خاصة وتعمد الباحث الإسرائيلى تأكيد صحة أراء بترى والذى اكتشف فيما بعد عدم صحتها .
فبخصوص مصطلح السامية الذى ذكره بترى فليس له أساس علمى فهى مجرد فكرة ابتدعها العالم الألمانى اليهودى (أوجست لود فيج شلوتر) عام 1781م واعتمدت السامية على فكرة الأنساب الواردة فى التوراة والتى قامت على بواعث عاطفية على أساس حب الإسرائيليين أو بغضهم لمن عرفوا من الشعوب والمقصود بها إسقاط جغرافية التوراة على فلسطين وما حولها ترسيخاً لأفكارهم الاستعمارية
وإذا جئنا للأنساب فالعرب العاربة والمتعربة والمستعربة ينتسبوا لسام بن نوح إذاً فمصطلح السامية لا علاقة له بتاريخ اليهود أما الكتابة التى يتحدث عنها بترى والذى اعتقد أنها كتابة مجهولة لها علاقة ببنى إسرائيل فهى الأبجدية السينائية المبكرة الأبجدية الأم لأنها نشأت فى سيناء بين القرنين 20- 18 قبل الميلاد فى منطقة سرابيت الخادم.
ثم انتقلت إلى فلسطين فيما عرف بالأبجدية الكنعانية مابين القرنين 17 – 15 قبل الميلاد حتى انتقلت هذه الكتابة للأرض الفينيقية ورغم عثور الباحث على لوحة تؤكد مصرية هذا المعبد عليها خرطوش للملك تحتمس الثالث إلا انه فسّر من خلالها برؤيته الصهيونية الاستعمارية عمارة المعبد بأنها لا علاقة لها بالعمارة فى مصر القديمة.
ونؤكد على أن معبد سرابيت الخادم مصرى 100% و أنه لم يطلق على سيناء أرض الفيروز من فراغ بل لأنها كانت مصدر الفيروز فى مصر القديمة حيث سجلت أخبار حملات تعدين الفيروز على صخور معبد سرابيت الخادم بسيناء الذى يبعد 268كم عن القاهرة وعلى بعد 60كم جنوب شرق أبو زنيمة و سبب التسمية بسرابيت الخادم هو أن السربوت مفرد سرابيت تعنى عند أهل سيناء الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها و هو ما يعرف بالأنصاب ومفردها نصب .
وكانت كل حملة تتجه لسيناء لتعدين الفيروز منذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرون ينقشوا أخبارها على هذه الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها الموجودة بالمعبد أما كلمة الخادم فلأن هناك أعمدة بالمعبد تشبه الخدم السود البشرة ويقع المعبد على قمة الجبل الذى يرتفع 300م عن المنطقة حوله طوله 80م وعرضه 35م وقد كرّس لعبادة حتحور التى أطلق عليها فى النصوص المصرية القديمة (نبت مفكات).
أى سيدة الفيروز كما يضم المعبد قاعة لعبادة سوبد الذى أطلق عليه (نب سشمت) أى رب سيناء وبالمعبد هيكلين محفورين فى الصخر أحدهما خاص بالمعبودة حتحور وأقيم فى عهد الملك سنفرو والآخر خاص بالمعبود سوبد ومدخل المعبد تكتنفه لوحتان أحداهما من عصر رمسيس الثانى والأخرى من عصر الملك ست نخت أول ملوك أسرة 20 ويلى المدخل صرح شيد فى عصر تحتمس الثالث يؤدى لمجموعة من الأفنية المتعاقبة التى تتضمن الحجرات والمقاصير وشيد البعض منها دون التزام بتخطيط المعبد وهذا ما دعى بترى لا ستغراب التخطيط فنسبه للمصطلح المبتدع السامية .
وكثيراً من الأشياء فى سيناء نسبها علماء الغرب لبنى إسرائيل وثبت خطأها بعد ذلك مثل الكتابات النبطية قالوا عليها كتابات لبنى إسرائيل والنواميس وهى مبانى ما قبل التاريخ قيل عليها كانت سكن لبنى إسرائيل وغيرها أما تخطيط معبد سرابيت الخادم بهذا الشكل لاستخدام عمال محليين من أهل سيناء خبرتهم قليلة فى هذا المجال .
كما أن طبيعة البناء فى هذا الموقع المرتفع فرضت تخطيطاً معيناً على المعبد وهذا ما لاحظناه فى كل الآثار المكتشفة بسيناء من أديرة وقلاع وقصور وكان للمعبد سور من الحجر الغير منحوت طوله 80م وعرضه 35م وكان بداخل هذا السور 9 أنصاب ، وخارجه فى طريق الهيكل من الغرب 12 نصب.
ومن هذه الأنصاب نصب من عهد أمنمحات الثالث أسرة 12وآخر لرمسيس الثانى (1304- 1237ق.م.) أسرة 19 ويحيط بكل نصب دائرة من الأحجار الغير منحوتة ويتراوح ارتفاع النصب ما بين 1.5 إلى 4م وكان ينقش على جانبيها أو جانب واحد منها أخبار حملات استخراج الفيروز وكان المصريون القدماء يستخرجون الفيروز من منطقة سرابيت الخادم ومن منطقة المغارة القريبة منه ولا تزال بها حتى الآن بقايا عروق الفيروز التى استخرجها المصريون القدماء.
وأرسلت البعثات لاستخراج الفيروز والنحاس من سيناء منذ عهد الدولة القديمة ففى الأسرة الثالثة (2686- 2613 ق.م.) أرسل الملك زوسر حملة تعدين لسيناء وفى الأسرة الرابعة (2613- 2498 ق.م) أرسل سنفرو عدة بعثات لاستخراج الفيروز والنحاس من سيناء وتوالت البعثات بعد ذلك فى الأسرة الخامسة (2494 – 2345 ق.م.) و أسرة 12 (1991- 1786 ق.م.) وأسرة 19 (1318- 1304 ق.م.) .
إدعاء باطل
لقد أكدت الأدلة الأثرية أنه لا وجود لعصيون جابر المزعومة أولاً لأن وصف التوراة نفسها لميناء عصيون جابر (هذا لو افترضنا جدلاً وجود ميناء بهذا الاسم) لم يشر من قريب أو بعيد إلى جزيرة فرعون كما أن أراء علماء الآثار فى تحديد المكان متضاربة وغير مؤكدة .
أما بالنسبة للنقطة الثانية وهى الادعاء بأن السور الدفاعي بالجزيرة من سمات التحصينات اليهودية فأنه لا يوجد أسلوب مميز للتحصينات اليهودية فى عهد نبى الله سليمان لأنه لا يوجد أى تحصينات باقية من عهد نبى الله سليمان حتى ما يزعمون أنه هيكل سليمان فأثبتت الأدلة الأثرية والتاريخية والدينية عدم وجوده من الأصل وهل كان نبى الله سليمان فى حاجة لتحصين الجزيرة ؟ وضد من ؟ وعلاقات نبى الله سليمان كانت سلمية مع كل جيرانه .
ولا يوجد دليل أثرى واحد بالجزيرة يثبت صحة ذلك بل يوجد الدليل الأثرى على أن هذا السور أنشأه القائد صلاح الدين لتحصين القلعة ضد غارات الصليبيين.
وهو نص تأسيسى خاص بالسور عثر عليه فى الحفائر التى قامت بها منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية عام 1989م فى التحصينات الخاصة بالسور بالجهة الجنوبية الغربية قرب البحيرة الداخلية وهى لوحة من الحجر الجيرى مكتوبة بالخط النسخى المنقط فى خمسة أسطر بها اسم منشئ هذا السور فى عهد صلاح الدين وهو على بن سختكمان الناصرى العادلى فى أيام الملك الناصر صلاح الدين بتاريخ شهر المحرم سنة أربعة وثمانون وخمسمئه هجرية .
كما أن العثور على قطع معادن ناتج عمليات صهر حديد والذى يزعم فلندر أنها تعود لعصر الحديد الأول المبكر الذى يتوافق مع عصر الملوك فى إسرائيل فهذا دليل ضده لأننا كشفنا عن العديد من قطع الحديد هذه فى حفائر موسم 88- 1989م فى منطقة بالسهل الأوسط بالجزيرة وهى ناتج عمليات تصنيع داخل فرن عثر عند مدخله على النص التأسيسى الخاص به وهى لوحة من الحجر الجيرى 48× 30سم مكتوبة بالخط النسخى المنقط من ستة أسطر بها اسم منشئ هذا الفرن فى عهد صلاح الدين .
وهو أيضاً على بن سختكمان وتاريخ تسعة شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة هجرية وفى هذا الفرن وجد كم من التبر لمعادن منصهرة وتم كشف حوض صغير بجوار الفرن لوضع المعادن الساخنة ليتم تبريدها ومصطبة أمام الفرن وجد بها كم من الرماد مختلط بقطع فحم المستخدم فى الفرن وهو فرن لتصنيع الأسلحة داخل القلعة لقتال الصليبيين
واعترف فلندر بنفسه فى نهاية بحثه بأنه فى غياب الحفائر المنظمة فإن كل هذه الآراء تصبح تخمينية بعد أن صال وجال وبنى قصوراً فوق رمال ناعمة .
وأنا أقول له فى ظل الحفائر المنظمة جاء التأريخ القاطع للمنشئات على جزيرة فرعون من خلال ما تم اكتشافه وهذا ليس بغريب على قائد ذو فكر استراتيجى عسكرى مثل صلاح الدين استغل سيناء وأنشأ بها التحصينات العسكرية مثل قلعة الجندى برأس سدر وقلة طابا وكان له طريق حربى بسيناء وانشأ عدد كبير من السفن استخدمها فى مهاجمة أيلة (العقبة حالياً) حتى سقطت فى قبضته عام 566هجرية 1170م وليؤمّن حدود مصر الشرقية ضد هجمات الصليبيين بدأ فى إنشاء قلعة طابا منذ ذلك الوقت التى انطلق منها لتحرير القدس فى موقعة حطين .
فسيناء برمالها وشواطئها وجبالها وثرواتها الطبيعية تجسد ملحمة نضالية كبرى .. ملحمة صمود وحرب وانتصارات .. ومعارك سياسية ودبلوماسية وتحكيم دولي .. ملحمة تجسد شموخ هذا الشعب ونضال زعمائة الأبطال .
إعداد : نسمة حسن البواة الالكترونية .